أدبيات المعلم في نفسه وفى مجلسه من خلال الآراء التربوية للإمام الحافظ الذهبى

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

المستخلص

تُعتبر الحقبة الزمنية من منتصف القرن السابع وحتى منتصف القرن الحادي عشر الهجري (750ﻫ/1150م) العصر الذهبي للنشاط الثقافي والتربوي في الحضارة الإسلامية وهى تَنهل من مَعين التراث الإسلامي الخصيب للسلف الصالح، فلم يقتصر المسلمون على الدراسات الدينية، وإنما امتد اهتمامهم إلى دراسة التاريخ والأدب والفلسفة والمنطق والاجتماع والطب والرياضيات والتشريع والقانون والفن والعمارة، کما حفلت هذه الحقبة الزمنية بالتکريم والإعلاء من قيمة العلم والعلماء ،وقد کان العلماء في هذه الحقبة الزمنية على صلة يبعضهم يتوارثون تقاليد التربية والتعليم خلفاً عن سلفٍ، فکانوا يعيشون في أجواءٍ علميةٍ.
        ومن الاعتبارات الهامة لقيمة التراث الإسلامي إنه يعمل على إحياء الجسور بينه وبين الجيل الحاضر، والأجيال التالية فيحقق معاً التواصل في مسيرة الأمة ويجعل من نهضتها بناءً متماسکاً ، ومثل هذا الترابط يجعل بناء الأمة مستعصياً على تبنى مجالات الاختراق الهدام، ويمنحها حصانة ذاتية، تحول بينها وبين أية عملية تسلل غريبة فتکسر کيانها وتمزق روابطها .
لذلک فعلينا الآن أن نتذکر ما حققه التراث الإسلامي من إنجازات قامت عليها دعائم الحضارة الإسلامية السالفة، فهو الذي دفع الإنسانية وأمم العالم من حولنا دفعة حضارية فى جميع المجالات، دينية کانت أو علمية أو اجتماعية أو فکرية، فالمطلوب هو أن نعى ماضينا لنأخذ منه العظة والعبرة، ونجعله مصدر قوة لنا، حتى يمکننا التحرک دائماً للأمام، ونُعيد بذلک للدين والأمة طاقتها وريادتها بإذن الله .
    ومن خلال قراءات  الباحثة التحليلية الأولية في مؤلفات الإمام الذهبي وَجَدَت أَنَّ کثيرا من القضايا التربوية قد ضُمنت في ثنايا تلک المؤلفات مثل تعريف العلم، والدعوة لتدوينه وکتابته،ونشره وبذله لأهله، وأنواع العلماء والحکماء، والأدبيات التربوية للمعلم والمتعلم، والتربية الاستقلالية والاعتماد على النفس في التعليم، والحرية والديمقراطية في التعليم، ومراعاة الفروق الفردية، وملاحظة الميول، واستعدادات المتعلمين،واختبار ذکائهم، وحسن معاملتهم، والرفق بهم،وتلقينهم الزهد في الدنيا، والبعد عن التکسب بالعلم، والعناية بالتربية الأسرية والأخلاقية، وتشجيع الرحلات العلمية، والاهتمام بالمناظرة والحفظ والسماع والقراءة، ومجالسة العلماء، وتوفير المؤسسات التعليمية وتزويدها بالإمکانيات الملائمة من معلمٍ ومبنى ومکتبة وإدارة وتمويل، وطرق التدريس المتنوعة لتقابل مختلف اتجاهات وميول المتعلمين، ومحتويات التعليم ومناهجه إلى غير ذلک من القضايا التي تتصل بالعملية التعليمية.

الكلمات الرئيسية