وضع "بحث" بجانب "فعل" ينقل إحساسًا بالثراء والتعقيد، لكن لا يترجم الفلسفة الدقيقة والمتطورة لبحوث الفعل، بالرغم من أن فهم هذه الفلسفة الدقيقة والمتطورة أمر بالغ الأهمية لاستيعاب جذور البحث الإجرائي وأصالته. وفي هذا السياق قد يكون تعريف البحث الإجرائي من خلال الاعتماد على مصطلح "يمارس" أكثر دقة، الأمر الذي يجعل من السهل علينا تتبع كوكبة التأثيرات الفلسفية وراء نظرية وممارسة البحث الإجرائي من البرجماتية الى ما بعد الحداثة، بما في ذلك الفلسفة اليونانية والمدارس الفكرية الماركسية والتحليل النفسي – إلى أن تنتهي هذه التأثيرات ويظهر البحث الإجرائي والذي يكمن في قلبه التقارب البنيوي مع الفرد وأنشطته الاجتماعية التي تمثل السياق الذي يملأ فيه البحث الإجرائي أبعاده المعرفية والأخلاقية. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ما نوع المعرفة التي يهدف البحث الإجرائي إنتاجها؟ وما السلوكيات التي ينخرط فيها الباحث في مجال العمل مقارنة بنماذج البحوث الأخرى في العلوم الاجتماعية بما في ذلك مجال التعليم؟
فالجودة المحددة لبحوث الفعل تتعلق بكيفية تشكيل أبعاده المعرفية والأخلاقية من داخل أي ممارسة اجتماعية معنية وليس من خارجها. وهذا هو المفتاح الخاص به في علم البيئة. إذ لا تقف العوالم المعرفية والأخلاقية خارج الممارسات الاجتماعية القائمة بقيمها ومبادئها الإجرائية ومعارفها وخطاباتها، بما في ذلك معارفها وطرائقها الخاصة. وباختصار يقدم البحث الإجرائي نفسه كطريقة عقلانية ومنهجية يقوم بها أعضاء الممارسات الاجتماعية المختلفة لبناء وإعادة بناء نظرياتهم المعرفية والأخلاقية على وجه التحديد من خلال الاعتماد على ثقافتهم الداخلية والاختيار منها.